عطش غراب وأراد الشّرب, وطفق يبحث عن ماء في كلّ ماجاوره من الجهات. فخاب سعيه ولم يجد إلاّ جرّة في قعرها قليل من الماء, لم يقدر أن يصل إليه لبعد غورها ولطول عنقها. ولكنّ العطش اشـتدّ به, فأعمل فكره في تدبـير حيلة يرفع بها الماء إليه, مادام هو غير قادر على الوصول إلى الماء, وصمّم على ألاّ يترك المكان, حتىّ يشرب من تلك الجرّة. وقال في نفسه "إذا صدق العزم وضح السـبيل".
عند ذلك التفت حوله, فرأى حجارة صغيرة كثيرة, فذهب إليها وأخذ واحدا بمنقاره, ورماه في الجرّة, فارتفع الماء قليلا. فعاد وجاء بغيره. فزاد ارتفاع الماء. فأدرك أنّه إذا استـمرّ على عمله هذا ودأب عليه, بلغ غايته وأطفأ حرارة عطشه. فلبث ينقل الحجارة ويرميها في جوف الجرّة, والماء يرتفع فيها قليلا قليلا, حتىّ أمكنه أن يصل إليه أخيرا, فشرب حتىّ روي بعد صبره وجدّه وكذلك "كلّ من جدّ وجد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق